مجرد رأي..العلاوة بين المناشدات والمهاترات

أخيرًا، صدرت القرارات التنفيذية الخاصة بالقانون المتعلق بالعلاوة الاجتماعية للعام المالي الجديد، وقد التزمت الجهة المختصة بإقرارها بكامل قيمتها المنصوص عليها في القانون، دون شرائح أو حدود قصوى. وكنا قد أشرنا من قبل إلى أن الإرادة السياسية واحترافية الفريق المساعد للسيد الوزير قد تلاقتا على إصدار القرار بالشكل الذي يُرضي جموع العاملين.
ورغم ذلك، لم تمر 24 ساعة على صدور القرار حتى انطلقت المناشدات المعتادة من بعض الكُتّاب الموسميين، تتوجه إلى شخص الوزير بعبارات منمقة عن التقدير والاحترام، تتبعها مطالب إضافية لا تنتهي. فهناك من طالب بزيادة مكافأة نصف الشهر إلى 100%، وآخرون دعوا إلى اعتبار العلاوة الدورية المنصوص عليها في تقرير الكفاءة علاوة إضافية، إلى جانب العلاوة الاجتماعية، فضلًا عن مناشدات أصحاب المعاشات التكميلية، والعاملين المؤقتين، والمطالب المتكررة بالترقيات والتعيينات، رغم التكدس الكبير في العمالة، في قطاع تتجه معدلات إنتاجه نحو الانخفاض المستمر.
من جانبنا، ثمّنا هذه القرارات، واقترحنا فقط أن تشمل العلاوة المقطوعة كلًا من العمالة المؤقتة والمعاش التكميلي كحل وسط لا يمثل عبئًا يُذكر على الموازنة. أما أن تتحول بعض الأقلام إلى مطالب غير واقعية تصل حد المهاترات، فهذا نوع من العزف على أوتار الميل الغريزي للمطالب المالية، وزرع مشاعر عدم الرضا، حتى في ظل تحقيق مزايا حقيقية.
هي كتابات تستجدي اهتمام أصحاب المطالب الذين لن تنتهي مطالبهم أبدًا، وتغض الطرف عن حقائق مهمة، منها أن القطاع يتحمل ما يقارب ما يتقاضاه العامل من مزايا، بل وربما أكثر، من خلال تسديد حصص التأمينات والصناديق المختلفة، ودفع الضريبة على مكافأة نتائج الأعمال – المعروفة بالأرباح – وهو أمر لا يحدث في أي قطاع آخر في الدولة، في حين أن الغالبية العظمى من العاملين لا يدفعون ضرائب مباشرة على دخولهم.
يضاف إلى ذلك المظلة الصحية الشاملة للعامل وأسرته، والتي تُكلّف مئات الملايين سنويًا، وتُقدَّم دون تدخل شركات التأمين كما هو الحال في العديد من القطاعات الأخرى، فضلًا عن المزايا الاجتماعية من مصايف، ورحلات، ومطاعم.
ورغم كل هذا، لم تقتنع بعض الأقلام السطحية بأهمية نشر ثقافة الرضا، والامتنان، والحمد لله على نعمه، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وفي قطاع أصبح يُكلف الدولة أكثر مما يفيدها.
نرجو أن يتوقف سيل هذه المقالات التي تتسم - للأسف - بركاكة لغوية، وضعف مهني، وغياب للموضوعية. فمن يتصدى لمثل هذه القضايا يجب أن يتمتع بوعي حقيقي، ومعرفة دقيقة بواقع القطاع، وألا ينساق وراء مبالغات ومطالب لا تتسق مع الواقع، خصوصًا أن متوسط دخل العاملين في القطاع يأتي في مصاف أعلى الدخول على مستوى الدولة.
دعونا نغلق هذا الملف، ونتركه بين يدي المسؤولين المختصين لتدبير أعبائه، والعمل على دعم الشرائح الأَولى بالرعاية بالفعل، من عمالة المقاول وأصحاب المعاشات.
وفي الختام، نصيحة صادقة للجميع: لا تُبالغوا في التزاماتكم وتطلعاتكم المالية، وتعقلوا في مطالبكم، فإن النهم في الكسب، وشهوة الامتلاك، تزرع في النفوس شعورًا دائمًا بالنقص، فلا يشعر أصحابها بقيمة أي زيادة مهما بلغت، ويظلون يلهثون خلف سراب الوعود والكلمات الجوفاء، ويصابون بالهم والكدر في كل مراحل حياتهم.والسلام،
#سقراط