هوية المرأة والرجل بين الفطرة والصراع…غاده لطفي

“الست ست والراجل راجل”… جملة تُقال كثيرًا، ولكن ما الذي تعنيه حقًا؟ هل تُنتقص بها مكانة المرأة؟ هل ترسّخ لفكرة أن الرجل أعلى منها شأنًا؟ أم أنها مجرد وصف دقيق لطبيعة كل منهما كما فطرهما الله؟
الواقع أن هذه العبارة لا تُقلل من شأن المرأة، بل تُعبّر عن حقيقة فطرية وطبيعية، لا تعني ضعفًا ولا درجة ثانية. المرأة ليست أقل من الرجل، كما أن الرجل ليس أكثر منها قيمة. إنما هما مختلفان في التكوين والدور والوظيفة. المرأة هي الحنان، والعذوبة، والرقة، والعطاء المتجدد بلا شروط. والرجل هو السند، والظهر، والحماية، والعقلانية حين تشتد الحياة.
لكن… هل يمكننا عكس الأدوار؟ هل تنجح الحياة إن أصبحت المرأة هي الحماية والسند، والرجل هو الرقة والحنان؟ الحقيقة أن هذا عكس الفطرة التي خلقنا الله عليها، وعكس ما تستقيم به الحياة. الطبيعة لا تُعادَل ولا تُقلب، لأنها ببساطة ليست من صنع البشر.
فلماذا إذًا دخلت المرأة في صراع دائم لإثبات أنها قوية، وأنها لا تحتاج إلى الرجل؟
الإجابة المؤلمة هي: لأن الكثير من الرجال، للأسف، تخلّوا عن أدوارهم. تخلّوا عن القوامة، التي هي في حقيقتها ليست سلطة أو تسلطًا، بل مسؤولية والتزام. القوامة لغةً تعني القيام على الشيء وحمايته ورعايته. وفي الزواج، هي ولاية منحها الله للرجل ليتحمل بها مسؤولية زوجته وأسرته: يرعاهم، ينفق عليهم، يؤمّن لهم الحماية والطمأنينة، ويُحاسب أمام الله على تقصيره.
لكن ما حدث أن الكثير من الرجال بدأوا ينظرون للمرأة على أنها شريكة في الدخل، وتتحمل المسؤوليات مثله، بل أحيانًا أكثر منه. هي التي تعمل وتنفق، وتربي، وتذاكر، وتُوصل الأبناء إلى النوادي والدروس، وتتابع صحتهم ولياقتهم، ثم يُطلب منها أن تظل حنونة، لطيفة، مبتسمة، متفرغة للبيت والمشاعر، بينما هو يكتفي بدور “المُشارك”، لا القائد المسؤول.
وهنا بدأ الخلل.
حين تخلّى الرجل عن دوره، اضطرت المرأة أن تلبس ثوبًا غير ثوبها. فتغيّرت الموازين، وبدأ الصراع بين الأدوار. المرأة لم تولد لتصارع، بل خُلقت لتُكمّل. لكنها إن لم تجد سندًا، ستحاول أن تسند نفسها. وإن لم تجد أمانًا، ستحاول أن تحمي نفسها. وهذا ما يرهقها، ويُفقدها بعضًا من رقتها، ويُدخل المجتمع كله في دوّامة من الفوضى في الأدوار والهويات.
المرأة ست.. والرجل راجل. ليست جملة انتقاص، بل جملة احترام وتقدير للطبيعة والفطرة. نحتاج فقط أن يفهم كل طرف دوره جيدًا، ويؤديه بإخلاص، فتنصلح الحياة، وتستقر الأسرة، ويعود التوازن المفقود بين القوة والرحمة، وبين السند والعطاء