السبت 28 يونيو 2025 الموافق 03 محرم 1447

مجرد رأي…حديث إعادة تدوير طارق الملا

955
المستقبل اليوم

طالعتُ مقالًا مطولًا لكاتب كبير ذي شأن في الصحافة البترولية، وقد أفرد مساحة كبيرة لموضوع تحت عنوان “إعادة تدوير طارق الملا” ومنحه مناصب جديدة، لم يكن “المستقبل البترولي” قد نشر بعد نبأ تولّي المهندس طارق الملا رئاسة مجلس إدارة غير تنفيذية لإحدى الشركات التابعة لوزارة النقل، لذلك تعجبت حينها: لماذا أُثير هذا الموضوع الآن؟ لكني أدركت لاحقًا أن تولّي طارق الملا لمنصب يبدو شرفيًّا في شركة تتبع وزارة النقل هو سبب كتابة هذا المقال.

اتجه الكاتب إلى الماضي البعيد، حيث وصفه بـ “وزير الصدفة” أو “وزير الواسطة”، واعتبره سببًا فيما يعانيه القطاع حاليًا من تراجع، وتحطيم للقيادات، وتجريف للكفاءات، وإذا كانت حرية الرأي مكفولة، ولكلّ منّا وجهة نظره التي تُحترم، فلست بصدد الدفاع عن هذا أو الهجوم على ذاك.

لكن ما لفت نظري هو عنوان المقال: “إعادة التدوير”، وهذه عملية تُستخدم عادة مع المهملات وما إلى ذلك، والرجل لا يمكن أن نعتبره كذلك، مهما اختلفت الآراء ومهما كانت النتائج، لأنه ببساطة حمل الحقيبة الوزارية لما يقارب عشر سنوات، وهذه المدة، بالتأكيد، دليل على ثقة جهات الدولة العليا في أدائه.

وأكرر: لا أرغب في اتخاذ موقف الدفاع، فهذا لا يعني القارئ أو المتابع. لكن ما يعنيه القارئ فعلًا هو أن نكفّ عن اجترار الماضي، بكل ما فيه من أحداث، وأن لا نظل أسرى له، نكيل اللعنات واللكمات، ونبقى متوقفين عند محطة بعيدة لا نتحرك منها، إما ناقمون، وإما حالمون فخورون بماضٍ بعيد عن واقعنا بكل مقوماته، وفي كلتا الحالتين، نحن الخاسرون، لأننا فقدنا أرضية المنطق والواقع، التي يجب أن ننطلق منها لنرى موقعنا الحقيقي ورؤيتنا للحركة في الحياة.

لقد أشدنا كثيرًا بهذا الوزير عند اتخاذه قرارات رأيناها صائبة، وانتقدناه عندما هبّت الرياح وترنحت السفينة. ثم جاءت الغلطة التاريخية بعدم اعترافه بالمشكلة والتعامل معها، فكان قرار التغيير.

تكلم كثيرون ونسجوا الحكايات عن مخالفات منسوبة إليه بعد رحيله، وطالبناهم مرارًا: من يملك دليلًا أو وثيقة تُدينه، فليتوجه بها إلى النائب العام مباشرة، فنحن في دولة كبيرة، بها مؤسسات قوية، لا تعترف بالعواطف، بل بالمستندات والوقائع، لكن لم يتقدم أحد، وقبعوا جميعًا إلى جانب الجدار، يهمهمون ويتهامسون، ينتظرون من يحارب عنهم معركتهم الخاسرة، وهم في صفوف المتفرجين.

ومن ثم، فإن كل هذا الحديث يُعد هراءً، ولا يصح أن يصدر من مسئولين، فحديث الماضي موجع، ولن يزيد الأمور إلا قتامةً وحقدًا دفينًا، ويضع أكياسًا من الرمل حول خطواتنا إلى الأمام.

دعونا نتطلع إلى المستقبل، ونحاول أن نُعيد السفينة للإبحار من جديد، فطارق الملا أو غيره ليس سوى وزير، وقد خلت من قبله الوزارات، وسيأتي من بعده آخرون، لكلّ عيوبه، وفكره، وطريقته، لن يُعاد استنساخ أو تدوير أحد، فالجميع إلى زوال، ولكل وقتٍ أذان – كما يقولون .والسلام،

#سقراط




تم نسخ الرابط