لماذا جنت على نفسها براقش ؟..عبدالفتاح موسى

لماذا جنت على نفسها براقش ؟..عبدالفتاح موسى
لهذه المقولة اكثر من رواية في الرواية الاولى يحكى ان براقش كانت كلبة، وقد أغار قوم على قومها، فنبحت، فنبهت قومها، فقاموا، وذهبوا إلى مغارة؛ ليختبوا فيها، وعندما جاء اللصوص أخذوا يبحثون عن أهل القرية، ولم يجدوا أحد، وعندما هموا بالانصراف نبحت الكلبة براقش، فانتبه لها اللصوص، فقتلوا عددا من قومها، وقتلوها أيضا، فقيل: جنت على أهلها براقش.
و في رواية آخرى يحكى ان براقش كانت امرأة لقمان بن عاد، واستخلفها زوجها، وكان لهم موضع إذا فزعوا دخلوا فيه، فيجتمع الجند، وفي إحدى الليالي عبثت جواريها، فدخن، فاجتمعوا فقيل لها: إن رددتيهم، ولم تستعمليهم في شيء، لم يأتك أحد مرة أخرى، فأمرتهم فبنوا بناء فلما جاء لقمان، سأل عن البناء، فقيل له: على أهلها تجني براقش.
وبعد كلتا الروايتين وبغض النظر عن أيهما صحيح، هل كانت براقش تقصد أن تقضي علي أهلها أو نفسها؟ بالتأكيد لم يكن هذا القصد علي الاطلاق فمن منا يودي بنفسه أو أهله الي التهلكة عن عمد! ولكن لنا هنا وقفة إذا بحثنا وتداركنا معظم قصص الهلاك لوجدنا 'الغباء والعناد' عنصران أساسيان بل يلعبان دور البطولة بلا منازع في هذه القصص.
ومنذ قديم الأزل في معظم الروايات نجد أن هناك أُناسٌ كانوا يعيشون حياة مستقرة وهادئة تتسم بالطموح والأحلام المشروعة والسعي الجاد لتحقيقها ولكن سرعان ما يسيطر الطمع ويثير حفيظتهم الغير سوية التطلع إلي ما لدي غيرهم فيفسد حياتهم الجميلة المستقرة وهؤلاء ما يطلق عليهم 'عدو نفسه' هدم حياته واستقراره بنفسه وغض الطرف عن النعم التي كان يوماً يتمناها.
وهنا نصل إلي العبرة والعظة من 'براقش' أُذكر نفسي وإياكم أحبائي تخلوا عن الصفات السيئة التي ليس من شأنها شيئ إلا أن تؤدي بأصحابها إلي مصير معتم ويمكن أسوأ من 'براقش' ولنركز علي أهدافنا المشروعة ونعي أن اغبي الناس من ضل في آخر سفره وقد قارب الوصول وأن جحيم العاقل أفضل من جنة الغبي ولنتدبر جميعاً الحكمة في كل شيئ ونحافظ على الهدوء في أوقات الأزمات، ولنتعلم المرونة ونكون دوماً علي إستعداد إلي الرجوع خطوة للوراء والنظر إلى الصورة بشكل أشمل إذا تطلب الأمر ونتأمل في قدرات الذات وحدود المعرفة الخاصة وإيجاد البدائل، وندرك جيداً أعزائي أن العالم يتغير على الدوام. هدانا الله وإياكم سبل الرشد والفلاح.
كاتب المقال: رئيس نقابة بتروامير