كلمتين ونص...عدم اليأس والتضحية والثبات
يَحُلُّ شهر الله المُحرَّم، فيتذكَّر المسلمون ذلك الحدث العظيم، الذي قلَب موازين التاريخ، وغيَّر وجه البشريَّة، إنَّه حادث الهجرة النبوية المباركة، من مكَّة المشرَّفة إلى المدينة المنورة ، التي كانت سبيلاً إلى إنشاء الدولة الإسلامية؛ حيث شعَّ نور الإسلام في كل الأرجاء ، ودخل النَّاسُ في دين الله أفواجًا.
من أهم الدروس والعبر التي يجب أن نتعلمها من هجرة النبي ، التضحية ، فقد ضحى النبي ببلده مكة وكانت أحب مكان الى قلبه ، وهذا يؤكد حب الوطن ، كما تعلمنا الهجرة عدم اليأس ، فقد دعا الرسول قومه سنوات طويله فهجروه وآذوه وعذبوه ، وأصر حتى فتح الله عليه .
ومن دروس الهجرة حسن الصحبة ، وابو بكر الصديق خير مثال ، فما كان يفرح إلا لفرح رسول الله ولا يغضب إلا لغضبه ، حتى قيل أنَّه هو المقصود بالْمُصدِّق في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾
كذلك إتقان التخطيط وحسن توظيف الطاقات ، وقد كان للنساء والصبيان دور في الهجرة ، وكانت السيدة اسماء بنت ابي بكر تحمل لهم الطعام وسميت ذات النطاقين
كذلك الثبات على الموقف، والبحث عن الحلِّ الشامل وليس الاقتصار على مفاوضات البدائل الوقتية ، كذلك شدة التوكل على الله ، لإن التوكُّل سبيل النَّصر، ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ﴾
و من معاني الهجرة ، هجرة المعاصي وما يُعْبَد من دون الله، وهجرة القلوب إلى الله تعالى، والإخلاص في التوجُّه إليه في السرِّ والعلانية .
وإنْ كان الصيام في شهرِ مُحرَّم مستحبًّا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: أفضل الصيام بعد شهر رمضان، شهر الله الذي تدْعونه المُحرَّم ، فإنَّ صوم اليوم العاشر منه المعروف بعاشوراء مؤكد، نصومه شكرًا لله لأنَّه أَنْجى فيه موسى - عليه السَّلام - وأغرق فيه فرعون، فكان صيامُه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: (يكفِّرُ السَّنَةَ الماضِية) .