الأربعاء 27 أغسطس 2025 الموافق 04 ربيع الأول 1447

نيفين مصطفى تكتب: إياك وبني آدم المغرور

31
لقد كرَّم الله عز وجل الانسان وجعله في أحسن تقويم، وخلق له سمعه وبصره وقلبه، حتى يتعلَّم، فهو يعيش ولا يحمل همَّ تسيير أمره ونظام حياته، بل إنه في معظم الأحوال لا يدري شيئًا عن هذا النظام، كيف يسير وكيف يتدبر، فسخَّر له الشمس لتضيء نهاره وتمدّه بالحرارة، وجعل من زرعه قوتً له، ووجد القمر أنيسَه المنير الذي يُنير له أينما راحَ أو غدا. مهلًا مهلًا.. ماذا أنا بفاعله؟! أتراني أحاول إحصاء نِعم الله على الانسان؟!
قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} كلا والله، فإن من الحماقة محاولة إحصائها، ولكن حديث نفسي لتخيُّل مقدار إثم الإنسان الذي أعماه الغرور عن الحقيقة.. لقد ظن نفسه شيئًا فتجده يتعالى على عباد الله وكأنه سيخرق الأرض وسيبلغ الجبال طولًا! يا لشفقة العقلاء على بني آدم من غير العقلاء.. فلينظر لنفسه ذلك المغرور عندما يقع فريسة لجندي من أصغر جنود الله في الأرض، فقد يجعله هذا الجندي الصغير عاجزًا حتى عن قضاء حاجته، يا له من ضعفٍ وهوان.. حقٌ عليك أن تعرف قدر نفسك في هذه الدنيا وألا تظن نفسك بالِغًا بغرورك شيئًا مذكورًا عند من له شأن حقيقي وهو الله تعالى، وحقٌ عليك أن تكفَ التطاول عن بنى البشر فهم مثلك إن لم تكن أقل منهم بعدم إدراكك حجم نفسك الحقيقي. والله إن العاقل ليرى هذا النوع من الناس، وهو الذي يغفل عن حقيقة ذاته ، فهو يثير الشفقة والاشمئزاز وذلك لتكبُّره، فبماذا يتكبَّر؟! بجسدٍ ليس له حول ولا قوة إلا بحول الله وقوته؟! فلا مُتكبِرَ بحقٍ إلا الله عز وجل، فإنه «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» ومن ناحيه أخرى عندما أثاروا شفقة واشمئزاز غيرهم من عقلاء الخلق الذين يعرفون أن التكبُّر لله وحده لا شريك له. وبارتداء ذلك المغرور رداء الكِبر فقد صار خصيمًا لله.. إنها لخصومة لا تنعكس إلا على نفسه! ولكن هذه هي صفة الكثير من البشر إلا من رحم ربي وهداه، اللهم اجعلنا من المتواضعين لعظمتك، المُتذلِّلين لك بمعرفتنا قدرنا أمامك. اللهم اجعلنا من المتواضعين للناس، لا نحمِل مثقال ذرةٍ من كِبرٍ في نفوسنا. واخيرا :
إياك ومصاحبة المغرور، فإنه إن رأى منك حسنة نسبها إليه وإن بدت منه سيئة نسبها إليك



تم نسخ الرابط