للاعلان

Wed,01 May 2024

عثمان علام

لا تعرف شمالك!

لا تعرف شمالك!

الكاتب : عثمان علام |

09:14 am 27/05/2018

| رأي

| 1927


أقرأ أيضا: خلود بسيوني تتسلم عملها مدير عام في شركتها

محمد أمين

رمضان شهر الحسنات والمسلسلات والتبرعات.. هكذا كان رمضان منذ زمن بعيد.. فلا شىء تغير فيه قديماً أو حديثاً.. والذى تغير فقط هو الكم والكيف.. والذى تغير هو الطريقة.. والآن كل شىء أصبح على الهواء مباشرة، أو تحت الميكروسكوب فظهرت الأشياء ضخمة.. فمن زمان كانت هناك مسلسلات لكن ليس بهذه الكثرة، وكانت هناك تبرعات، لكن ربما كانت «سرية»!.

والناس فى رمضان كانت تتطهر بالصيام والصلاة والزكاة.. وكنا ونحن شباب نسهر فى المسجد حتى السحور.. نقرأ القرآن وقصص الأنبياء والتفاسير.. ويسألنى الناس بعض الأسئلة.. وكنت أقول لهم سأعود لكم بالإجابة غداً.. وكنت إما أعرضها على إمام المسجد، أو أبحث فى بعض الكتب الموثوقة.. وحين نفرغ من القراءة نقوم بتنظيف المسجد، و«إعادة فرشه» ثانية!.

وربما يكون ذلك مدخلاً لحكايتى فى رمضان.. فقد لاحظ البعض حالة اجتهاد لافتة، فطلبوا أن أقدم درساً رمضانياً قبل العشاء: «قول لنا كلمتين يا أستاذ».. وكان المسجد يمتلئ عن آخره.. وتكلمت فى المسائل البسيطة بلغة بسيطة، تختلف عن اللغة التى أقرأ بها فى أمهات الكتب.. ويبدو أن البعض أراد أن يسهم فى تأسيس المكتبة معنا، أو حتى فى شراء أدوات النظافة!.

ولأول وهلة طبعاً «رفضت» فكرة تلقى تبرعات.. قلت اشتروا أنتم احتياجات المسجد.. فعلم الإمام أننى أرفض أخذ التبرعات.. فأخذنى على جنب، وقال: لقد علمتُ أنك ترفض تبرعات بعض القادرين.. فقلت: «معلش مش هقدر».. قال: ولكنهم يثقون بك، ونحن فى حاجة للأموال من أجل الصيانة.. فقلت: إذن يعطونها لك.. قال: لن يفعلوا.. وبدأت الحكاية فعلاً بمقشة ومسّاحة وجردل!.

وأود هنا أن أقول إن الناس لا تدفع للرسميين (حكومات أو أفراداً).. وتطور الأمر حتى أصبح معى مبلغ كبير حرصتُ أن يعرفه أكثر من صديق، بمَن فيهم الإمام.. فكنت أجلس فى ركن المكتبة، ويأتى مَن يدفع أكثر مما كنت أتوقع منه، دون طلب.. وأسجله أمامه على الفور.. وهنا فكرت أن نخرج من المسجد إلى آفاق القرية.. وبدأنا نجهز لرصف الطريق، ونقل أعمدة الإنارة أولاً!.

وتشكلت «المنظومة» كالآتى.. رغبة داخلية فى عمل الخير، وشىء حقيقى يظهر على الأرض، سواء بدأ بالصيانة والنظافة أو انتهى برصف الزراعية.. وحالة ثقة تخص متلقى التبرع.. وأخيراً الرقابة الذاتية ورقابة المجتمع، التى راحت تغذى فكرة التطوع والتبرع.. وهى لا تختلف كثيراً عن المؤسسات التى تقوم بالدور نفسه الآن.. ولا تنسَ أبداً دور «الإمام»، وهو الحكومة!.

باختصار، لم تعد التبرعات شيئاً تعطيه بيمينك فلا تعرف شمالك.. التبرع نوع من «الاستثمار».. وبالمناسبة التبرعات شىء والضرائب شىء آخر تماماً.. فلا أحد فى الغرب يمكنه أن يتهرب مثلاً من الضرائب.. ومع ذلك فهناك تبرعات بمليارات الدولارات.. إنها مسؤولية اجتماعية تجاه الأوطان!.

أقرأ أيضا: الاحتياطي الفيدرالي يثبت الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بـ2024

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟