للاعلان

Sat,27 Apr 2024

عثمان علام

مجرد رأي..عودة توتال له معني اخر

مجرد رأي..عودة توتال له معني اخر

الكاتب : سقراط |

11:56 am 17/02/2024

| رأي

| 2245


أقرأ أيضا: بالإجماع : محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب

مجرد رأي..عودة توتال له معني اخر 


من اجمل الاخبار التي قرأتها مؤخراً عودة شركة ( توتال) الفرنسية للعمل في نشاط البحث والاستكشاف في مصر . هذه الشركة تحديداً لها تاريخ طويل في العمل في مصر. عندما كنا حديثي العهد بقطاع البترول كانت (توتال) تمثل رمزاً قوياً لكافة اعمال الاستكشاف في مصر . لا يوجد منطقة في مصر الا كان لهذه الشركة بئر بها . هي من اقوي الشركات جرأة في اقتحام المناطق التي كان يمثل العمل بها درباًً من الخيال. من كان يتصور وجود ابار في عمق الاراضي الزراعية بدلتا النيل والمنزله والمطرية و لم اسمع عن مدينة بلقاس بالدقهلية الا من ابار حفرتها هذه الشركة هناك . اغلب اكتشافات الغاز بتلك المنطقة قامت عليها هذه الشركة . كان لها  أيضاً صولات وجولات في خليج السويس وكانت باكورتها الحقول البحرية لشركة الامل و اوسوكو  والتي لازالت تعمر بالخير حتي الأن . كانت مدرسة من طراز فريد تشعر فيها بعبق التاريخ وبها الكثير من رائحة تأثير  المد الثقافي للحمله الفرنسيه علي مصر مع الاختلاف بالتأكيد . 
————
فمثلما حققت الحملة الفرنسيه تغيرات اجتماعية وثقافيه في مصر كانت هذه الشركة في فطاع البترول . تعلمنا كثيراً من الثقافه  الفرنسية حيث كانت اقوي علاقات الازهر الشريف والأزهريين مع فرنسا تحديدا ، درسوا فيها الادب والفلسفه والتاريخ والجغرافيا ، حتي رش المياه امام المحلات صباحاً لتطهير وتنقية الاجواء ، كانت من العادات التي تعلمناها منها . هم مولعون باكتشاف كل جديد ومستتر في الارض فكان  اكتشاف (حجر رشيد)  الذي اضاف الكثير للثقافة والتاريخ المصري .كانو هم اول من انشئوا (قطر الدلتا)   الصغير ذو العربات الخشبية الانيقه الذي كان يربط النجوع والقري الصغيرة ويسير في مجاهل زرعات الدلتا الكثيفه وكانت تركبه السيدة (ام كلثوم) في تنقلاتها بين البلاد والمراكز لإحياء حفلات الانشاد الديني مع والدها الشيخ ابراهيم الدسوقي . ———
كذلك هي الابار القديمه التي حفرتها ( توتال) الفرنسية في ربوع مصر كلها ظلت جزء مهم من دائره معارف القطاع تعلم الخبراء منها الكثير وأضأت الطريق لتحقيق اكتشافات اخري هائله حولها  . 
———-
ومن اجمل واهم خصائص هذه الشركة الكبيرة اعتناؤها الفائق  بتوثيق كافة المعلومات التي تحصل عليها من حفر الابار حتي لو كانت جافة وامانتها في الوصف والتحليل وتسليم تلك التقارير كاملة لمن جاءو بعدها . هذه التقارير القيمة اصبحت مثل  البرديات لها قيمه عظيمه مازال الكثير من شركاتنا تحتفظ بها مثل الجواهر الثمينة لمراجعتها ومعرفه خبايا ومشاكل كل منطقه . ——-
والذي لا يعلمه الكثيرين ان عمليات الحفر التي قامت بها (توتال) في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي في المناطق النائيه كان لها اثر اجتماعي وثقافي كبير في القاطنين بجوارها. تعلموا منهم فن الصنعة وكثيراً من ترتيب اللوجستيات الهامه اللازمه لتحرك وتثبيت اجهزه الحفر وتعلموا أيضاً من العمل مع ( الخواجات) اللغه وفنيات العمل المؤسسي الصحيح واحترام القيادات والخبرات وتقدير قيمه الوقت  . ————
اغلب مسئولي المهمات المخضرمين في القطاع استقوا خبرتهم من شركة توتال تحديداً . عرفوا نظام المخازن وحساباتها وكيفية ضبط المستندات الخاصه بها . بالفعل كانت ( توتال) نظاماً قائماً بذاته في العديد من المجالات تركت ورائها إرثاً كبيراً من الحقول المنتجه وكثير من المهمات عاليه القيمه  التي استفاد منها الاخرين والاهم من كل ذلك الخبره التي زرعتها في كثير من العاملين المصريين و مسح سيزمي شاسع يمثل مرجعيه علميه لا تقدر بثمن . وضعت (توتال) بلا شك قواعد وبرتوكولات محدده للعمل البترولي مازال الكثير يحتفظ به ويسير علي خطاه بل ويفتخر انه من مدرسه ( توتال) الفرنسيه . وعندما غادرت هذا النشاط لم تترك ارثها يندثر بل دخلت مجال البيع والتسويق فهي علي درايه كامله باحتياجات والمزاج السلعي للمصريين . 
———-
توتال لا تمثل شركه عامله تأتي للربح وتغادر . انها من الشركات النادره التي لها بصمه اجتماعيه واضحه وتتفاعل مع المجتمع المحيط بها بشكل مثير للأعجاب ولا يستطيعه سواها . واظل عند رأيي بأن العمل مع ( توتال) له ابعاد ومعاني  اخري تختلف فيه  عن اي شركه اخري حتي لو كانت من كبريات شركات البترول . عودتها للعمل في مجال الاستكشاف هو بلا شك مكسب كبير للجيل الحالي الذي لم يعاصر عصرها الذهبي في مصر  وسيتعلم منها الكثير وارجو ان تعود ( توتال) الي سابق عهدها الجميل في التفاعل مع المصريين والعمل علي تدريبهم وتعلميهم الاسس الصحيحه للعمل واعاده الاحترام في التعامل مع القواعد الفنيه والاقتصاديه الصحيحه التي اندثرت لديهم بلا سابق انذار واصبحت القرارات تؤخذ بالسمع او نقلاً عن خبره من الماضي . 
———
واذا كانت عودة ( توتال) للعمل بمصر نتيجة جهود قيادات القطاع لاعاده هذه الشركات الكبري للعمل في مصر  فهذا انجاز كبير يحسب لهم بكل تأكيد . (توتال) اسم كبير واضافه هائله يجب الاستفاده منه فهي مدرسه فنيه واقتصاديه كبيره نتمني ان نسمع صوتها مدوياً في اكتشافات للغاز فهذا سيكون ضربه معلم بحق ضد كل المتربصين من حولنا ويعطينا الامل في ان ارضنا وبحارنا مازالت عامره بالخير  . 
——
واقول للجيل الجديد تابعوا نشاط هذه الشركه جيداً واستفيدو بما تقوم عليه من عمل فهم من ذوي الشأن في هذه الصنعة. وارجو من قيادات القطاع ان تعمل مع شركه توتال علي توفير التدريب لمهندسينا ومن كافه التخصصات الاخري فهم علي درايه كامله بطبيعه الشخصيه المصريه وكيفيه استقبالها للمعلومات . 
الم اقل لكم ان (توتال)  معني ومذاق اخر قادم من عبق التاريخ . والسلام ،، 

#سقراط

أقرأ أيضا: أمين عام "أوبك": الطلب على النفط عالمياً يصل إلى ذروته بحلول 2030

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟